القائمة الرئيسية

الصفحات

المواضيع المميزة

صعود الى القمة ثم إنهيار الى القاع: كيف تحولت نوكيا من عملاق التقنية الأكبر الى عزيز قومٍ ذل؟

 

يحتفظ الآلاف منا بذكريات قديمة لاقتناء هواتف نوكيا، بما لها من تصميم بسيط، وشكل أنيق جذاب، كما في الموديل الشهيرNokia1100 ، رغم أنك لن تجد فيه الميزات الجبارة الشائعة في الهواتف المحمولة الآن، ورغم ذلك كانت نوكيا هي مدخلنا لعالم الهواتف المحمولة.



لم تكن موديلات هواتف نوكيا غزيرة، كما تفعل الآن شركات سامسونج، وأبل، وغيرها، إلا أنها كانت في التسعينيات بمثابة الحصان الأسود، في صناعة تكنولوجيا الهواتف المحمولة، وكانت تنجح في إزاحة موتورولا عن طريقها.

فلماذا غاب عنا الآن اسم “نوكيا” ولم نعد نسمع به؟ وكيف بدأت قصة انهيار هذه الشركة الفنلندية؟

البداية كانت صناعة الأخشاب

في بداية تأسيسها لم تتخصص نوكيا في إنتاج الهواتف المحمولة، وربما لا يعرف الكثيرون أنها بدأت في صناعة الأخشاب، وذلك في عام 1865، ويعود اسم الشركة لمدينة نوكيا في فنلندا، وكان مؤسسو الشركة، وهما: فريدريك إيدستام وليو ميشلان، يتحالفون، في هذا الوقت، مع شركات أخرى، تعمل في تصنيع المطاط والأسلاك الكهربائية.

وفي عام 1970، بدأت الشركة في إنتاج معدات وأدوات وأجهزة الراديو، ودخلت في مشروعات مع جيش فنلندا، لتوفير هذه المعدات، فزاد ذلك من مبيعاتها، ودفعها للتوسع في إنتاج هذه المعدات، بل وبدأت في إنتاج أجهزة التلفاز، واستمر ذلك حتى منتصف الثمانينات.

تصنيع الهواتف المحمولة

في منتصف الثمانينات، كانت نوكيا على موعد مع ثورة في سياسات الشركة، بعد أن استحوذت على شركة موبيرا، المتخصصة في صناعة الهواتف، وكان نتاج هذا الاستحواذ هو تصنيع الهاتف المحمولCenator، والذي كان يزن 10 كيلوغرام، وقد اقتصر استخدام هذا الموديل على عدد محدود من الشخصيات البارزة.

وفي عام 1987 صدرت عدة موديلات أخرى، مثل Cityman، وغيره، وكانت هذه الموديلات تلقى قبولًا بين قطاعات من المستخدمين

وفي بداية التسعينيات أطلقت الشركة الفنلندية موديل Nokia 1011، وكان هو الأول الذي يعمل بشبكة GSM، إلا أنه لم يكن يتيح إرسال رسائل نصية، وكان باهظ الثمن في هذا الوقت، إلا أن ذلك لم يمنع الإقبال على اقتناءه.

نوكيا تغزو العالم

في عام 1998، كان محبو تكنولوجيا نوكيا، على موعد مع مفاجأة إطلاق اللعبة الأشهر في تاريخ الشركة، وهي لعبة Snake، في هاتف Nokia 6110، وقد حصلت هذه اللعبة على شعبية هائلة، ساعدت نوكيا في تصدر سوق الهواتف المحمولة، وإزاحة شركة موتورولا، من طريقها، لتتجاوز مبيعاتها نحو 100 مليون هاتف محمول.

وفي أواخر عام 1998، أطلقت نوكيا هاتف Communicator، وكان الأول من نوعه الذي يسمح للمستخدم بالاتصال بشبكة الإنترنت، وقد اشترى بيل جيتس، وهو مؤسس مايكروسوفت، لموظفيه من نسخ هذا الهاتف، لما فيه من إمكانات متطورة.

لقد كانت فترة التسعينيات من أزهى عصور نوكيا،إذ كانت تتواجد فيما يقرب من120 دولة، على مستوى العالم، وكانت في تلك الفترة تمتلك حصة سوقية تقدر بنحو 30% من سوق الهواتف المحمولة، وتجاوزت مبيعاتها نحو 20 مليار دولار، وتجاوزت أرباحها عن هذه الفترة نحو 4 مليار دولار.

ثورة في تطوير تكنولوجيا الهواتف

لم تتوقف سطوة نوكيا عند هذا الحد، فقد زاد من سيطرتها على سوق الهواتف المحمولة، استحواذها على عدة شركات متخصصة في عمليات البرمجة، فزاد ذلك من أعمال التطوير بها.

وأطلقت الشركة في عام 2002 هواتف بشاشات ملونة، حازت على إعجاب الآلاف من محبي نوكيا، وكانت هذه الهواتف تتمتع بميزات مشاركة الملفات عبر خاصية البلوتوث، إلى جانب ميزات تغيير النغمات، ومجموعة من الخلفيات الرائعة.

وإلى جانب ما سبق، فقد طورت نوكيا نظام Symbian، فجذبت بذلك أعدادًا هائلة من المستخدمين، وتضاعفت شعبية نوكيا، لاسيما بعد إضافة خاصية التصوير عبر كاميرا متطورة، بالمقارنة بتكنولوجيا ذلك الوقت.

ورأت الإدارة أنها لا بد أن تتخذ خطوات أكبر في تطوير كاميرات هواتفها، فتعاقدت مع شركة Carl Zeiss ، المتخصصة في تصنيع الكاميرات، وكان نتاج ذلك هو تصنيع سلسلة هواتف بكاميرات متطورة، وهي سلسلة N، والتي كانت ثورية في ذلك الوقت، فقد حازت كاميرات هذه الموديلات جوائز أفضل كاميرات للهواتف المحمولة.

وأطلقت الشركة مواهبها في تكنولوجيا الهواتف المحمولة، بإطلاق هواتف تتمتع بمعالجات قوية، لتصبح الهواتف أسرع، وليكون استخدامها أسهل، كما في موديل Nokia 6600، والذي كان يسمح بتسجيل الفيديوهات، وهو الأمر الذي رفع شعبية نوكيا عنان السماء.

أيفون. . صفعة على وجه نوكيا

في عام 2007 كان العالم مع موعد مع إطلاق إبداعات شركة أبل، من خلال أول هاتف أيفون، كان الأمر بمثابة صفعة قاسية على وجه نوكيا، التي بدت وكأنها مندهشة من الأحداث التي تلاحقت بعد ذلك، لقد بدا ستيف جوبز، وهو مؤسس أبل، وكأنه الساحر الذي أخفى نوكيا في منديله الأبيض للأبد.

ورغم أن الشركة حاولت تدارك الأمر وتحديث هواتفها، إلا أن أيفون كان قد سحب البساط من تحت أقدامها تمامًا

ولقد كان إطلاق أيفون حافزًا لشركات تصنيع الهواتف، لاتخاذ خطوات حاسمة للتطوير، وإلا فلا بديل عن خسارة ملايين المستخدمين، والأمر الأخير هو ما حدث مع نوكيا، التي وجدت نفسها في مرمى نيران أنظمة أبل وأنظمة أندرويد.

فشلت إدارة نوكيا، بعد تعاقدها مع إنتل، في تطوير أي نظام تشغيل ينافس أيفون، واستغرقت 4 أعوامًا لتطوير هاتف جديد، لم يصمد هو الآخر لمنافسة هواتف أيفون.

ومن أسباب سقوط نوكيا هو إعلانها أن هذا الهاتف هو الأخير الذي سيعمل بنظام MeeGo، مما صرف عنه اهتمام قطاعات واسعة من المطورين والمستخدمين في نفس الوقت.

كانت الشركة في غاية التخبط، لقد أصابتها هواتف أيفون بحالة من العشوائية في التفكير، كانت تخسر جماهير المستخدمين كل يوم، وتتقلص حصتها السوقية، ولم تكن تمتلك أيه حلول واقعية لإيقاف نزيف الخسائر.

ورغم تغيير المدير التنفيذي للشركة في عام 2010، إلا أن نوكيا استمرت في انهيارها وخسارة مستخدميها مع عدم تطويرها أنظمة تشغيل قادرة على منافسة أنظمة أبل وأندرويد، مما أدى لانهيارشركة نوكيا،لدرجة أن خسائرها في عام 2011 تجاوزت مليار دولار.

لقد كان ظهور ستيف جوبز، وزملائه، من مطوري أنظمة التشغيل الحديثة، إيذانًا بأفول نجم نوكيا، وبزوغ عصر جديد لهواتف أبل وسامسونج، وغيرها من هواتف الشركات المنافسة التي تعلمت الدرس جيدًا، وأصبحت تخصص الآن ميزانيات ضخمة لأعمال التطوير